أحزاب أم جمعيات خيرية


 

 

الأحزاب السياسية وكما عرّفها فقهاء القانون الدستوري تقوم على جماعة من البشر ترتبط بفكر مشترك وعقيدة واحدة ويعملون معا ً من أجل تحقيق أهداف الحزب وصولاً إلى الهدف الأساس وهو الوصول إلى السلطة، وإن ادعوا عكس ذلك ففي هذه الحالة المفترضة لا يمكن أن يتعدوا كونهم جمعية خيرية أو تعاونية، وفي أحسن الأحوال منظمة من منظمات المجتمع المدني.

أكد هذه النقطة "موريس دوفرجيه" في كتابه الشهير (الأحزاب السياسية) الذي ربما كان من أشهر الكتب في علم السياسة وفي الأحزاب، حيث اعتمدته كليات الحقوق والعلوم السياسية مرجعاً في مناهجها التعليمية.

الأحزاب والحركات السياسية العربية: 

البحث في هذا المجال واسع ومتشعب لكني سأحاول هنا أن أعرّج على أشهرها دون أن أسترسل بغية الوصول إلى الفكرة التي أود طرحها، إذا ما بحثنا في أهم الأحزاب السياسية العربية تأثيراً نجدها إما أحزاب وطنية محلية لم تتجاوز حدود الأقاليم التي ولدت فيها، وإما قومية امتدت آثارها وانتشرت أفكارها إلى الأقاليم الأخرى، وقد رفعت شعارات حزبية "مدوّية" تدور حول فلك (الوحدة العربية الكبرى).

والتي أثبتت الأيام بأن بعضهم وخاصة أهل (الدولة الأمنية البعثية) قد جعلوا من تلك الشعارات الرنانة سلالم ليتسلقوا بها إلى سدة الحكم ولينقلبوا على شعوبهم بعد أن انقلبوا على حكوماتهم. 

الصراع المدمر:

لقد شهدت المنطقة الصدام بين أهم قطبين في مرحلة من المراحل، (البعث والناصرية)، وكانت نتيجة ذاك الصدام انهيار الأنموذج الوحدوي وإنهاء (الجمهورية العربية المتحدة) التي جمعت مصر وسورية والتي لم تدم طويلاً حيث استفاق الناس على حدوث الانفصال الذي ادّعى قادته أنهم "وحدويون" ولا يريدون من حركتهم الانقلابية سوى "تصويب الأوضاع".!

وإذا ما سبرنا أغوار تلك الأحزاب والحركات نجد بأن أصحاب "الحل والعقد" فيها قد ركزوا على أهمية وجود (الجناح العسكري) لديهم، فأوغلوا بكوادرهم في الكليات العسكرية لتهيئتهم تمهيداً للانقلاب وهو أقصر الطرق للاستيلاء على السلطة...! 

لماذا يتحتم علينا نحن العرب أن نفصل دائماً بين إيديولوجية الأحزاب والحركات وبين تنظيماتها، مبررين ونافين علاقتها بالشخصيات التي تصدّرت قياداتها وأساءت؟؟!!

أو ليست تلك الشخصيات وما اقترفته قد وُلدت من رحم تلك الإيديولوجيات أم أنها فُرضت عليها بحد السيف؟؟!! (علماً أنه وفي كلتا الحالتين فإن تلك الأحزاب مدانة وتتحمل تبعات ما فعلته تلك الشخصيات فهي نِتاجها شاءت أم أبت) ومحاولة اختزال أسباب الكوارث التي حلت بالأمة بعقلية متسلط هنا أو ديكتاتور هناك لا يعفيها. 

لماذا لا نمتلك القدر الكافي من الجرأة ونعترف بفشل تلك الحركات والأحزاب والتي إن أحسنّا الظن فيها فقد تسببت بخيبات أمل كارثية للأمة.؟ أليس الاعتراف بالخطأ يؤسس للخطوة الأولى في الطريق الصحيح.؟

أم أنه الكبرياء والأنفة والترفّع والتجبّر؟؟!!

 

محمد علي صابوني

كاتب سوري

 



 

Whatsapp