الوهم القاتل


 

   

 

أستانة سراب ينشر الوهم في عقول بعض من لم يرتووا من دم السوريين، فهي لم تقدم الحل السياسي، ولم توقف الحرب، كونها تتحرك خارج الملعب الذي يجب أن يكون للسوري فيه الموقع والقرار! لذلك، يجب أن تزال هذه الغشاوة من السراب أمام أعين من يصدقون أن في أستانة عصًا سحرية ستحل الصراع في سوريا سياسيًا، لطالما أن السلاح فشل، وقد نجح في تدمير سوريا وقتل أبنائها الأبرياء وتهجير نصف سكانها!

الحكومة الروسية تروج أمام شعبها بأنها من خلال الحرب في سوريا تبيع أسلحتها، وكذلك تجرب ما تصنعه من جديد السلاح لجلب الزبائن، وتوسيع أسواق البيع، وهي تتمرغ في وحل سوريا وتختنق بين تعقيداته، وبالنتيجة تكون إيران هي الرابح الأول عبر سياساتها المتبعة في سوريا.

أما أميركيا، فأمرها مختلف، فهي متمسكة بجغرافية فيها ٤٠% من الاقتصاد السوري وخاصة البترول والمنتجات الزراعية في شرق الفرات، فلا تحتاج أن تدخل في أي حرب مع الأطراف الأخرى، إلا أنها رسمت لنفسها الخطوط الحمراء التي تمنع أي طرف تجاوزها باتجاه منطقة نفوذها، ولها مساحات واسعة للمناورة على ضفاف بحر من الأوحال من دون الاقتحام في العمق.

إذًا اللعبة طويلة ومعقدة، واللاعب الذي أراد الاقتحام ودخول الملعب بدون تحصينات خاصة تحصنه أمام المتغيرات والتقلبات في قواعد اللعبة، وأعتقد أنه حتى الندم لا يفيده، ولا يملك أية منافذ موضوعية للتراجع.

ويبدو أن هناك من يحاول عزل سوريا عن محيطها الإقليمي، ومحاصرة أزماتها، لكن الحقيقة تقول: إن الحالة في سوريا هي نتاج أزمات إقليمية مستفحلة ومعقدة، منذ عقود فشل المجتمع الدولي أن يجد لها الحلول، أو أنه قد تجنبها وترك الأزمات تدار من قبل دول فاعلة لها مصالحها في بقاء هاته الأزمات، بدءً بفلسطين، ثم الحرب الأهلية في لبنان، التي لم تنته فصولها إلى اليوم، مع سيطرة وهيمنة وتغول حزب الله على مفاصل الحكم هناك، مرورًا بمخرجات الحربين الخليجيتين اللتين أنتجتا إسقاط صدام حسين في بغداد، وترك العراق ساحة للفوضى وعشًا للإرهاب، وصولًا إلى سوريا التي انفجر فيها الالتهاب المحتقن عبر حكم السلطة الأسدية، ومنذ ثمانية سنوات ونيف ما يزال الانفجار مستمرًا،  كل ذلك لا يمكن أن يُدرج كمحور للنقاش على طاولة أستانة، وبالتالي، من يحضر في أستانة كان يبيع ما تبقى لديه من الزيوان ولم ير أو يُمسك بمن يشتري.!

القضية باتت قضية دولية بعمق، ولا يمكن إيجاد الحلول إلا في دائرة مجلس الأمن، من خلال أن يكون السوري ممثلاً فيه شعبًا وسلطة قاهرة قامعة، بعد أن يتم انعقاد مؤتمر وطني سوري جامع تنتخب فيه هيئة تمثل إرادة الشعب السوري، تكون قادرة على التفاوض مع الجهات المعنية تحت مظلة الأمم المتحدة، من أجل تحقيق مصالح الشعب السوري في هذا الوسط الاقليمي المعقد، الذي يطفو على سطح بحر هائج فاقدًا بوصلة الخلاص حتى اللحظة على أقل تقدير.

 

 

 

أحمد قاسم 

                   رئيس القسم الكردي

 
 
Whatsapp