جرعات روحية


 

هناك الكثير من الأزهار تهديك عطرها وجمالها ورحيقها فقط تحرك باتجاهها، وتعامل مع كل الفصول كالربيع بجماله، فبياض الثلج مبهر والمطر يعزف أجمل الألحان، أما أشعة الشمس فتمنحك الدفء لسنوات، وأوراق الأشجار الصفراء تفوح منها رائحة مميزة. 

شدة البؤس في العالم تجعلك تبحث عن السعادة في كل مكان والتي أصبحت من الأولويات، هروباً من الألم، عندما يبهرك الضوء في الخارج يكون ضوؤك الداخلي معتم جداً، أرسم في ذهنك صوراً دفاعية وتقدم، لا تحول  ذكرياتك إلى حجارة تحملها معك وتنوء بها أينما ذهبت، فهناك أشياء جميلة كانت وستكون، فكل منا يحمل حنينه ويبحث عن وطن، فقلوبنا ملهبة بحبه، والروح ترهلت، طأطأة الرأس بحثاً عنه ستبعدنا أكثر، والواقعية سبيلنا إلى النجاة، أيام باقية من العمر أطبق عليها بجمع يديك، أطلق على الحزن حمماً نارية وابعده عن طريقك، نعيش في فراغ ميت بالرغم من أننا أحياء، ما رأيكم أن نرسم ابتسامة على وجوهنا لتعود إلينا الحياة، أطفالنا بحاجة إليها فقلوبنا رسمت في هذه الجهة المقابلة، هم انعكاس لنا لنجعلهم سعداء، عصافيرنا هبطت على الأرض، لنرش البذار ونحصد الثمار، ولنسند هاماتهم على قبضاتنا ولنكن أقوياء، فهم امتداد لنا وخلايانا للبقاء، لهم قلوب تنبض وأفواه تنطق، لتنبض حباً وتنطق بالجمال، لنرسم أمامهم أجمل اللوحات يكفيهم أن الصخور أصبحت شاهداً على كل الحكايات، من منا يمتلك القدرة على التبجح في مواجهة الطوفان!، غرباء في مشيتنا منطويين في كلماتنا تفضحنا عيوننا ويقتلنا الخجل، عندما تفقد الأرض الماء تتشقق وتطلب أي شيء، يقترب الليل منا متكئاً على سريره الأسود تغيب عينانا بالنوم وننطلق في فراغ الكون، فتبرق في عيونهم دمعة توسل نجوماً ذهبية لاحت بالأفق، تقول نحن صفحة بيضاء بالرغم من كل الألوان، خلايانا صغيرة ونحن جزء منكم لن ننسى عنفوان تجربتكم ولكننا أحياء، بيننا وبين وطنكم الذي لم نراه عازلاً ولكنه من زجاج نراه من لهيب عيونكم ومن غصة حناجركم يزداد سماكة كل يوم ولكننا نراه بوضوح أكبر، فنحن خلاياكم الإيجابية تشخص عيوننا وتهتز شفاهنا بذكر الوطن، وهو من بعيد يدعونا للحياة ويدعو لنا بالنجاة، تسمعه آذاننا فضحكاته الخفية تبعث فينا الأمان، يقول لنا أنتم امتداد للحياة والوطن بانتظاركم، فلا تزهر الأرض إلا إذا بكى المطر، لنحرق المسافات ونشعل الشموع، ونصنع من شهيق أنفاسنا رذاذ اشتياق، سجلوا عندكم نحن أبناء الحياة أبناء هذا الوطن الذي تركه عنوة الآباء، سنكون عاصفة الوديان سنعود مع ترانيم الأفراح، لن نفقد الذاكرة مهما طال الزمان، فالأوطان لأبنائها مهما مرًّ الزمان، ونحن هنا على شرفات الانتظار، نحن الماضي والحاضر والمستقبل، ولن تتبخر الأحلام، نحن شجرة الحياة جذورنا الوفاء وأغصاننا الوداد وشلال محبتكم يتجول في عروقنا عبر الدماء. 

أرشدوني نبهوني علموني، كونوا لي عوناً لأكون امتداداً لكم، فمياه النهر تمشي في مجراها رغم الانحراف، فالذاكرة مدونة وطمسها محال، سيذكرنا التاريخ نحن أبناء الحياة. 

 

إلهام حقي

رئيسة قسم المرأة

 


 

Whatsapp