حركة السترات الصفراء في فرنسا


 

إضراب عام يشلّ فرنسا بسبب نظام التقاعد الجديد
حركة السترات الصفراء، هي حركة شعبية عفوية، خرجت للاحتجاج على رفع أسعار الوقود والزيادات في الضرائب التي فرضتها الحكومة الفرنسية نهاية عام 2018.
وخرج المتظاهرون يرتدون سترات صفراء مثل التي يرتديها السائقون على الطرق السريعة، باعتبار هذه الضرائب جزءاً من استراتيجية الرئيس الفرنسي الخاطئة، وأتهموه بعدم إدراك مدى الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها الناس في حياتهم اليومية.
ورغم تراجع الحكومة عن زيادة الضرائب وتجميد قرار رفع أسعار الوقود، إلا أن المظاهرات استمرت كل يوم سبت في فرنسا بشكل متواصل.
ويوم السبت 16 نوفمبر عام 2019، احتفل أصحاب ومناصري قضية السترات الصفراء بمرور سنة كاملة على بداية احتجاجاتهم، لذلك صدرت التحذيرات من الحكومة الفرنسية بضرورة الانتباه لمن يريد المرور أو الذهاب إلى وسط المدن الكبرى في فرنسا، تفادياً من حصول اضطرابات في المواصلات العامة وقطع للطرقات.
وكانت صور تخريب ونهب جالت العالم مما أثر على صورة فرنسا، إحدى أهم الوجهات السياحية في العالم، وقضى 11 ضحية منذ بداية الاحتجاج، في حوادث على هامش تعطيل حركة المرور، إلا أن نحو ألفي شخص أصيبوا بجروح خلالها.
ويشير المحتجون بأصابع الاتهام إلى عنف الشرطة وتم تقديم أكثر من 200 بلاغ عن تجاوز قوات الأمن لصلاحياتها إلى شرطة مراقبة الأمن.
وأدى حدوث أعمال عنف تقريباً مع كل سبت وعجز المتظاهرين عن الاتفاق حول قضية واحدة وقيادة واحدة، إلى تراجع التعبئة وتراجع شعبية السترات الصفراء لدى الرأي العام.
وتواصل الاحتجاجات في فرنسا رغم الانقسام بشأن الحوار مع الحكومة، 
وظهر الانقسام بين شخصيات قيادية بين المتظاهرين، الذين جمعهم الاحتجاج على تراجع مستوى معيشتهم، ويرفض العديد من المتظاهرين أي علاقة وحوار مع الهياكل السياسية الحالية في فرنسا، وكذلك مقاطعة النقاش الوطني الذي أطلقه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وفي يومي الخميس والجمعة 5-6/12/2019 انطلقت أكثر من 200 مظاهرة ووقفات احتجاجية وإضراب شامل في جميع أنحاء فرنسا ضد محاولة ماكرون رفع سن التقاعد المحدّد حالياً ب 62 سنة، إلى 64 سنة في القانون الجديد لحثّ الفرنسيين على مزيد من العمل على حد تعبيره.
الإضراب هو بسبب المطالبة برفع رواتب الموظفين والعاملين ومن أجل عدم رفع سن التقاعد، واتسعت رقعة المشاركين بالإضراب لتشمل مدن كبرى كباريس وتولوز وليل وبوردو وليون ونانت ومرسيليا، وهدد المتظاهرون باستمرار احتجاجاتهم حتى تتحقق مطالبهم.
وبحسب استطلاع للرأي، هناك 7 فرنسيين من أصل 10 يرون بأن مطالب المتظاهرين مشروعة وينبغي استمرارها حتى تتحقق مطالبهم.
ومن أجل التأكيد على عدم انحسار المظاهرات، شهدت باريس مظاهرة ضمت أربعة آلاف متظاهر انطلقت من جادة الشانزليزيه، وعبر مختلف أنحاء فرنسا تظاهر نحو 11 ألفاً و600 من المتظاهرين، أي بزيادة طفيفة عن عدد المحتجين في الساعة ذاتها الأسبوع الماضي حين كان عددهم عشرة آلاف و200 متظاهر.
وحاولت السلطات استعادة زمام المبادرة، بعد أن اتخذت إجراءات لتحسين القدرة الشرائية بكلفة عشرة مليارات يورو، أطلق ماكرون برنامج (النقاش الوطني الكبير) للاستماع إلى أسباب غضب المواطنين، لكن تبقى معرفة كيف سيتم أخذ نتائج هذا النقاش في الاعتبار أو عدم أخذه كما يخشى عدد من المحتجين.
وأقدمت أعداد كبيرة من الفرنسيين إلى إغلاق باب البرلمان الفرنسي بالإسمنتوهم يحملون لافتات كتب عليها:
(البرلمانيون لايمثلون الشعب!!!).
وشارك بالإضراب غالبية شرائح المجتمع الفرنسي وتوقف أغلب الناس عن العمل بالشركات ودوائر الدولة والقطارات والمطارات ووسائل النقل المختلفة والمدارس والجامعات، وحتى المستشفيات والأطباء والعاملين بالصحة شاركوا بالاعتصامات، حتى تنفيذ جميع مطالبهم.
وهدد المعتصمون بأن الإضراب قابل للاستمرار/التجدد، وهناك من يقول عنه أنه يوم أسود في ميدان المواصلات، لأنه إضراب شمل وسائط النقل الداخلي، والخارجي في كل مدن فرنسا، وهناك نقابات دعت المشافي والمدارس للمشاركة في الإضراب، بالإضافة إلى مشاركة أصحاب السترات الصفراء، في حين أن إضراب الخطوط الجوية الفرنسية كان محدوداً.
وهناك تأكيد على أن حجم الإضراب سيكون شاملاً وقوياً ضدّ تعديل قانون التقاعد الذي تحاول الحكومة تمريره، وبالتالي كما يقول رؤساء بعض النقابات إن الغضب كبير وعبّرنا عنه يوم الخميس 5 ديسمبر، وهو قابل للاستمرار.
كما أعلن موظفو شركات السكك الحديدية الفرنسية تمسكهم بالنظام الخاص الذي حصلوا عليه من قبل الحكومة نظراً لطبيعة عملهم الشاقة، وقدد حددت الدولة سن التقاعد لديهم عند 50 عاماً كخطة لجذب الموظفين إلى هذا القطاع، لكن حكومة إيمانويل ماكرون تسعى لإقرار مشروع قانون جديد يلغي بعض أنظمة التقاعد الخاصة بشركة السكك الحديدية ومترو الأنفاق والباصات والتراموي إضافة إلى النقل الجوي.
وقد توقفت غالبية وسائل النقل العام في باريس، والتابعة لهيئة النقل الذاتية الخاصة بالعاصمة الفرنسية، عن العمل بسبب الإضراب الواسع.
كما شارك اللاجئون بفرنسا بالمظاهرات لأن مصلحتهم مرتبطة بمصير الشعب الفرنسي بالدرجة الأولى، وأي مكسب يمكن أن تحققه هذه الاعتصامات ستنعكس بالإيجاب على اللاجئين.

Whatsapp