قانون "قيصر" بين تفاؤل السوريين وتشاؤم النظام


 

أثار قانون قيصر أو "سيزر" التفاؤل لدى المتابعين السوريين المعارضين لنظام الأسد، في الوقت الذي أثار فيه القانون ردات فعل متشائمة من قبل الموالين له، وبين هؤلاء وأولئك، تساؤلات متعددة طرحت. لا شك أن هذا القانون أخذ جهوداً كبيرة لإقراره، وتوافق الجمع الثوري على ذلك، ولا بد من أن يأتي هذا القانون بالشر على نظام الأسد، والذي بدأ يتخبط في محاولة الهروب من تبعاته، أو أن يحمي نفسه من الإنهيار، وخاصة على مستوى الإقتصاد، حيث أن لعبة السلاح لم يخسر بها حياته، فهل الخنق سيوصله إلى الإنتحار؟ 

مشروع القانون ليس بالجديد، بل تم طرحه على إدارتين أميركيتين، سابقأ وحالياً، ففي 2016م طرح على إدراة أوباماً، والتي رفضت إقراره حينها، وأحد التحاليل أنه متعلق بمعاقبة داعمي نظام الأسد، والتي تعتبر إيران من أبرزهم، حيث كانت السياسية الأميركية تتجه نحو عدم التصعيد مع طهران آنذاك.

كما تم طرح مشروع القانون على إدارة ترامب لاحقاً، والتي بدا من خلال توجهاتها أن سياستها تغيرت نوعاً ما عن الإدارة السابقة، حيث أن السياسة الأميركية الحالية تتجه نحو التضييق على أبرز حلفاء النظام السوري، وأخطر دولة تتوغل في منطقة الشرق الأوسط ودول العالم، فسار مشروع القانون نحو النور، وأبصره.

بين وضعه في الدرج لسنوات، وإخراجه منه الآن، وجدنا تعليقات متباينة، بدت وكأنها كاشفة لاستغلال أميركي معين لهذا الملف، فنشر صور آلاف المعتقلين المعذبين بوحشية نظام الأسد من الضابط "قيصر" يتطلب تحركاً أكبر من قانون يجفف منابع التمويل، بل كان لابد من تدخل أممي يطيح بنظامه.

لكن بالمقابل فإن أي تحرك للضغط على النظام، يفيد الثورة التي خرجت ضده في 2011م، لتطيح بحكمه، ما لم يتم استغلال هذا التحرك أو غيره في مواضيع كبرى، داخل سياسة دول كان لها الدور في بقائه، ومع ذلك فإنه إيجابي لما تبقى من الشعب السوري، ومحاسبة قاتليه، ولو كانت المحاسبة غير عادلة.

الفكرة الأساسية في هذا القانون، هو التضييق المالي ومحاسبة النظام وداعميه، من خلال وسائل متعددة، لكن السؤال الذي يتم طرحه، هل "إيران" أو أي دولة داعمة له، أو أي كيان يعينه، يعمل بشكل رسمي، ليتم تجفيف منابعه؟ ومع ذلك فإن التضييق واقع.

إيران وميليشياتها، والنظام وباقي حلفائه، ربما هم أقدر من يجيب على هذا التساؤل، فحزب الله اللبناني أحد أبرز الأمثلة، حيث أنه القدوة في تهريب الأموال والمخدرات، بطرق ربما يصفها البعض، بأنها لا تخطر على شياطين الإنس والجن، فكيف سيتم تجفيف المنابع!

تساؤل آخر، ما هي محددات التعامل مع نظام الأسد وداعميه وفاعلية هذه المعاقبة، لتؤثر على الشعب السوري، وتخرج ما تبقى من معتقلين في سجونه، والذين هم أساس مشروع القانون هذا؟ الإجابة كذلك الأمر على هذا السؤال، ربما تكون في جنيف وأستانا، حيث لم تأت نتائجهما في صالح معتقلي النظام السوري الذين يقبعون تحت شتى صنوف العذابات المتعددة التي يمارسها بحقهم هذا النظام والذي يوصف بالمجرم.

وهناك من يقول، إن التشاؤم الحقيقي، هو الذي أورثته منظمات حقوق الإنسان، والدول التي كشف عن زيف صداقتها للشعب السوري، وأظهرت أن طعنة الصديق أشد إيلاماً من قصف العدو. ليأتي اليوم الذي لا يصدق فيه الشعب قانوناً ولا عقوبات ولا محاسبة، ويقول أيضاً من كثر كلامه، قلّ فعله، حتى يثبت أنه جاد في المحاسبة العادلة بحق شعب لم يطلب سوى التحرر من دكتاتور يحكمه.

القانون ماض، والسياسة الأميركية متأرجحة، وربما تفعيل هذا القانون، والمسارات التي سيتخذها ترامب لتطبيقه متوقفة على مزاجية الأخير، وبالعودة إلى البدء، فالقرارات الأممية وبيان جنيف وغير ذلك، جعلت الحق للشعب السوري في التحرر، ولكنها لم تتحرك قيد أنملة في التقدم نحو عملية تغييرية شاملة وفق البنود.

 

فاتح حبابه

كاتب وإعلامي سوري

 

 
Whatsapp