لقّاطات الغسيل


 

 

 

 

نحن لقّاطات الغسيل
قدْ لا نملأ العين
لكنّنا، في وسواس العمران 

لا سكن إذا لم يمرّ من هنا 

من تحت آباطنا
نحن لسنا على الحبال سلحةَ عصفور 
أو ريشة ًتتعّلق حتى يمرّ المهبّ
نحن الجيران الخرس
نحن المدمنات، شمّاً، على دواء الغسيل

 

نحن من يجيد بمهارة تراسل الحواس الستّ
نعرف هذي الثياب لمَن؟
مِن محرمة الجّدة حتى جوربَي الرضيع
نشرب مما يرشح من قطرات التعب 
ونعقد على خصورنا هذا النابضَ المعدني
ونرقص على صدى 
لن تنتبه إليه 

غيرُ تلك التي ما يزال رنينُ أنوثتها في الأصابع الناشرة
نحن لسنا الفاضحاتِ 
نحن نعلن النظافة على الملأ 
ولا يمر على أكتافنا، اسألوا الحاويات، الدنسُ


نحن لقاطات الغسيل 

لم يفطنْ لنا أحدٌ
أخذوا المفاتيحَ، ألبوماتِ الصور 

أسماءَهم من لوحة الباب، عددَ الدرجات 

مرايا الجيب، قصّاصاتِ الأظافر 

والخيوطَ التي ماتزال عالقة بالإبر

وتركونا
كلُّ واحدة تُطبق فكَّيها على صدأ 
وتشكو، كما العجائز، أن لا أحد رفع رأسه قليلا 

وشاهد حسرةً في العينين أو ظهراً مطويّاً على رائحة الأحباب
لا تقولوا لنا: مشغولون بالحرب 

والميت أَولى من الحيّ

والجماد إنما له الله 

 


نحن لقاطات الغسيل 
لم ينتشلنا أحدٌ من ركام
والبعض كان يطوّح بنا بعيداً في الحريق
كأننا حجرُ العثرة في طريق النبش
ولا يدري أننا نحن 

مَن يعرف  
من نُتف القماش، أصحابَ هذه الجثث
ونعرف بيتَها، وعمرَها، وابنة َمَنْ هي؟

نحن لقاطات الغسيل 
من خشب أو بلاستيك معالج 

أو عقدة لا ترى بين غصنَين في شجر الشوك

 


لنا 

على الشرفات 

على الحيطان 
على حافة شبَاك 

على زند عاشقة تغسل في النهر 
على مسامير عربة غائصة في الوحل 
وكذلك على الأهداب 
لنا ظلٌّ رطب 
ولنا

في أعناق النّاصعين يتامى

 

 

سلام حلوم

شاعر سوري

 
Whatsapp