ثلوج العالم المقهور


 

 

جراح أرواحنا موحدة وثلوج العالم أغرقتنا في المآسي، واجتاحتنا جحافل الغصات، متشردون في أصقاع الدنيا نحمل معنا يتمنا، نبحث عن دفء يحتوينا ووطن أقمنا له بين الضلوع معابداً، كم نحتاج من وقت لكي نخرجه من تيه الاغتراب، وكيف صيرت اخضرار الروح عمراً يابساً، والأرض ضاق فضاؤها وتفرق الأصحاب، وأصبحنا نقرأ الخوف على وجه الماء، ضائعين على أمل اللقاء، ولازالت ربوع أوطاننا تسبح في الفوضى والآلام وأحزان قلوبنا مرغمة على الصبر الطويل والانتظار، سنلملم 

ما تبقى من كبرياء لنصنع من بريق دموعنا قناديلاً، ونصبح مجاديفاً لنعبر الشطآن، بدرع الصمت نعصر الشمس ثلوجاً على سفوح الجراح. 

أدمتنا الأشواق بجمرات اللهيب ووجد الحنين، وتتزاحم الأشواق وترمينا بآلاف السهام، ضاع الأمان وخلف لنا فنادقاً من الأحزان، وضاع الحب ليخلف وراءه رماداً من حريق وتدحرجت الأحلام والصقيع استوطن الضلوع وأطفأ وميض العيون وامتد الوجع إلى أعماق العمر، الأمواج ترمينا بين مد وجزر وتطوي التياعنا وتغتال عبراتنا، نبحث عن شعاع أمل في هذا الوطن فكل صباح لا يحمل أنفاسه هو قيد احتضار، فالحياة من غيره جفاء والعين أصبحت بلا أهداب، لنمزق ذاكرة الزمن ونرمي بيادق الأوهام ضاع الحب وتهنا في سراديب الظلام، ولا يد تنتشلنا من التخبط بالمتاهات، يسألوننا عن الأصدقاء؟ الصداقة جسر لا يعبره إلا الأوفياء! الصداقة هدف نبيل بعيدة عن أقنعة المصالح، لوكان لنا أصدقاء لحملوا الشمس على راحتهم لتذيب عن أطفالنا هذا الصقيع، لابد من إنهاء العلاقات المزيفة ونكون بذلك قد أصبحنا بلا غطاء، وها نحن نعتزل العالم ونعيش ضمن عالم افتراضي لنبقى على قيد الحياة، خيال وحب وطيبة وأصدقاء! نسبح في عالم بلا قيود ونغوص مع الأرواح في عزلة تامة نتابع الأخبار من كوكب آخر نقرب البعيد ونبعد القريب، والكثير يفتقر إلى ثقافة التعامل ليحولوا هذه الصداقة إلى شعور عاطفي من أصحاب النفوس المريضة لنعود ثانية إلى نقطة الصفر، لنعود الى العزلة من جديد، اعذرونا فنحن غير متحضرين عفويين سذج بسطاء كالمطر نمد يدنا إلى السماء لنقطف نجمة ونضعها وساماً على صدور أطفالنا الأبرياء، ونمد الثانية لنغرف من الشمس قليلاً من الدفء لقلوبهم المتجمدة برعاية الأصدقاء، ألا من بركان جميل يرحب بنا بدلاً من هذه الألعاب النارية التي تقتلنا، أما من بحيرات كالمرايا نتزلج فوقها ولا نبتل، سبورة جديدة ممسوحة لامعه نكتب عليها نقش الأبرياء وندون عليها ما فعلوه بنا وبأطفالنا في وضح النهار، صنعوا لأطفالنا أقفاصاً من الثلج ولجاماً من الخبز فصار الهوى معتقلاً والحوار محاكمة وجلسوا يستمتعون برقص الأبرياء على الجليد، واعتبروا النظر إلى القمر جريمة والفرح والعصافير من المحرمات، تعالوا لنصنع سعادة لهؤلاء الأطفال ونكون لهم شمساً وقمراً في العراء ونسمح لدورتهم الدموية بالجريان، لنعوضهم عن الغدر والخيانة كي نبعد عن ذاكرتهم أنها تركيبة الحياة الغادرة، لنبارك أجسادهم النحيلة ونحوطهم ونطلعهم على عالم ليس فيه إلا الحب والوفاء.

سامحونا لأننا تركناكم تتجمدون ولدينا كل هذه التكنولوجيا والمعدات عفواً إنها فقط لقتلكم.

 

 

إلهام حقي

رئيسة قسم المرأة

 
Whatsapp