ضرر السياسات الدولية أخطر من الجائحة


ثمة أكاذيب وهيستيريا عالمية وجنون غير مسبوق بسبب " كورونا"، امتد منذ أكثر من نصف العام وما يزال، يشارك فيه الأطباء والإعلاميين والسياسيين ورجال الدين جميعاً؛ فماذا جرى بعد هذه المدة؟

كانت النتيجة أنه لا بد من الإصابة، والاعتماد على المناعة الذاتية، وكل المبالغات التي روجت لا معنى لها، والتحذيرات كانت إما عن جهل، أو لأهداف أخرى يقف خلفها فيضان من المعلومات المضلّلِة والتشويه المتعمد لحرف الأنظار عن معاناة شعوب ما زالت تُكافح للتخلص من الاستبداد والجريمة المنظمة المحمية دولياً؛ فإما التعايش مع الجائحة أو الموت من الجوع كما في بلداننا العربية تحت سلطات وطغم مأجورة.

لماذا التسرع بإطلاق خطاب الانتصار على " كورونا" في دولٍ سيطرت مؤقتاً على الوباء؟ ألم يكن خطاباً غير واقعي ومضلل بعد كل الشحن والترويج والتهويل وتخويف البشر منه؟

إن الزعم بالعلم و العلمية بمواجهة "كورونا"ما هي إلا تكرار لهرطقات شواع الصين المُخاطيين وأكاذيبهم بهدف السيطرة الاقتصادية، فقد سار خلف زيف ادعائهم كل من عاش فوبيا وهيستيريا الخوف من المرض، الوباء.

هناك عدم علمية بالتحذير، من/ والترويج لـ الجائحة؛ فالاقتصاد الفُقاعي هو أكبر بعدة أضعاف من الاقتصاد الانتاجي، وهو الطفيلي بعكس الانتاجي، وأن البطالة المقنعة في العالم أكثر من 70% من قوة العمل أيضاً، وبالتالي فإنه يكفي 30% من قوة العمل كي يستمر الاقتصاد، أي أن حوالي 25% من عدد السكان هو من يتحمل عقابيل وتبعات التنمية؛ بمعنى أن ما يقدر بـ 10% من عدد السكان يتحمل ويحمل 90% من تلك التبعات. وهذا هو الأمر الحاصل مع حظر ’’كورونا‘‘، وأهم فوائده هو ما انعكس ايجاباً على ما يعرف الاقتصاد الريعي الفُقاعي الطفيلي، مثل أمازون وماكروسوفت وشركات المكاتب بأفراد فقط؛ وبذلك، حين الحظر على 90% من عدد السكان لن يتأثر الاقتصاد أو الخدمات، بمعنى لا حاجة لهم؛ بهذا فإن الموازنات التي تُصرف هنا وتُستهلك هناك ليست ذات جدوى، وأظهرت الخدعة والكذبة الكبرى بالعالم بأن عليك أن تعمل كي تعيش! وأن الثروة توزع على أساس العمل! وهذا غير صحيح، بدليل ما كشفه الحظر.

فماذا حصل؟ الذي حصل أن من يغتني، ليس الذي يعمل ويتعب، بل هو النصاب المُحتال، هو الغشاش المبذر المحتكر، هو المستغِل، هو الكذاب؛ هؤلاء هم المستفيدون اليوم وكلهم شركاء لكارتلات عابرة للدول والمجتمعات، إنه الخلل الواجب التفكير فيه وليس حرف الأنظار بلعبة حيكت بعناية مع فيروس ’’كورونا‘‘، فهنا مكمن الخطر، الأمر الذي يتطلب تغيير بنية التشكيلات الاجتماعية والسياسية وعلاقات الانتاج، التي بدورها تعتمد على عيب كبير في النظام العالمي، وأن خطط التمويل التي تعتمد على عدة بنوك فقط تتحكم باقتصاد كل دول العالم، والمال قد بات عابراً للحدود؛ فمثلاً عند حصار الصين يطال الإفلاس أمريكا أيضاً، وشبكة المال تسيطر على معظم الاقتصادات العالمية، وبالتالي فالحكومات أصبحت لعبة بيد هؤلاء الذين أصبحوا شبكة عالمية من المال والنفوذ، كمافيات، تُنزل هذا وترفع ذاك؛

فمن هو المتضرر إذاً؟ 

المتضرر هم الشعوب، المنتجين الحقيقيين، أداة التنمية والمستفيدون من التقدم والنمو الاقتصادي، لأنه بحجة ’’كورونا‘‘ تشجع سرطان المال العالمي على الشعوب ومقدراتها، وتلاعب بها وبعقولها وهدر حقوقها، كل ذلك للعودة بها، كلها، لعصر الشمولية والفاشية التي تحرر منها الغرب، وبهدف دوام الاستنقاع بأنظمة الاستبداد وطغمها عربياً المرتبطة بإدارات دولية لا ترحم؛ فهل من إمكانية لإصلاح النظام السياسي والمالي العالمي وبالتالي خلاصنا عربياً؟ لا أظن ذلك بالمدى المنظور.

كلنا يذكر الأزمة العالمية في 2008، إذ لم تكن خلفها دول، بل وقفت خلفها عصابات وكارتلات دولية أكبر من دول، وهو نفسه من يلعب لعبته هذه الفترة من 2020 بالتلازم مع ’’كورونا‘‘، إنه الاستثمار العالمي الأخطر، والنصب الأذكى دولياً. 

فهل الضرر من ’’كورونا‘‘ أقل من الضرر الذي سببته الحكومات وسياساتها؟ وما هو مستقبل العاطلين والمفلسين عالمياً بسبب عقابيل وسياسات مواجهة ’’كورونا‘‘؟ 

الغرب يتوجه نحو الشمولية والاستبداد والفقر، فالصحة ليست كل شيء كما يبدو، والخطر الأكبر ليس من الأمراض بل من سياسات تزعم مواجهتها؛ فكم توفي عالمياً بسبب ’’كورونا‘‘ حتى الآن وأغلبهم سيموت منطقياً بسبب أمراض أخرى وعقابيل الشيخوخة! وإن عددهم جميعاً لا يساوي جزءً ممن قتلهم المجرم بشار أسد ابن أبيه، الفاشي السفاح؛ إذاً هناك من يريد حرف أنظار الناس عما يجري، وقد استغل ’’كورونا‘‘ لتمرير سياسات خطيرة أكثر فتكاً منه تتمثل بخطط تروج من خلال مؤتمرات عبر كاميرات تلفزيونية وما هي إلا تتويج لمؤامرات على شعوب منطقتنا العربية المستهدفة تاريخياً، خاصةً في سورية وفلسطين بشكل خاص. 

الخطاب السّياسي والإعلامي الّذي ساد في مختلف أرجاء المعمورة، كان ميّالاً إلى تبشير الناس بأمل أن كلّ شيء سينتهي قريباً، وبأن الأمور ستعود سريعاً إلى ما كانت عليه، وليس مطلوباً منّا سوى الصّبر لفترة محدودة، فخطاب الأمل هذا، هو نفسه الّذي يقود دائماً إلى نتائج عكسيّة، فتختبئ خلفه كثير من الدعايات التضليلية والهويات المزيفة شأنها شأن الانتقاء والاصطفاء الثقافي المرافق والمُزيف، مما يؤجّج مشاعر الحزن، والغضب، والتّوتر، والإحباط، وينشر مظاهر العنف داخل العلاقات اليوميّة، فضلاً عن مظاهر الاكتئاب والانتحار والإدمان؛ وهذا ما يُلاحظ في هذه الآونة.

فمثلاً رافق هذه الفترة من الجائحة على الصعيد الوطني السوري، الترويج للتعايش مع المجرم وميليشياته الطائفية ومع الاحتلالات المرافقة، ورعاية خطابات ودعوات انفصالية وشعوبية تحت زعم الفيدرالية والتقسيم، جنوباً وغرباً وشمالاً وشرقاً، ورجم الأكثرية القومية والدينية بأقذع الأوصاف الكاذبة وغير الواقعية تاريخياً وأركيولوجياً، كل ذلك برعاية روسية وبتفويض دولي!

فلا يمكن أن تنجح هذه الفبركات والخزعبلات والدعوات طالما تمتع شعبنا ببعض الإرادة والحزم، فما بالكم وهو مازال يتمتع بكل الإرادة والتصميم على الانتصار ومواجهة كل المشاريع التي رافقت جائحة كورونا الأسد حتى الآن.

Whatsapp