ذاكرة الفن التشكيلي السوري


 

الرسّام الدمشقي محمد حرب

"أبو صبحي التيناوي"

1888-1973

 

عرف الفنان التشكيلي الشعبي محمد حرب بلقبه "أبو صبحي التيناوي" وكانت ولادته في دمشق عام 1888. ورث مهنة الرسم على الزجاج عن عائلته، اشتهر بتوقيعه المميز (الرسام أبو صبحي التيناوي-باب الجابية -زاوية الهنود – دمشق -سوريا). كان التيناوي الفنان الشعبي الوحيد في المنطقة الذي تميز بنتاج غزير لهذا النوع من الفن العريق. زينت لوحاته معظم البيوت والمقاهي الدمشقية القديمة لترافق السير والأساطير والملاحم الشعبية التي كانت تروى على مسامع رواد تلك المقاهي كسيرة عنترة وأبي زيد الهلالي والظاهر بيبرس والزير سالم. 

تعدّ تجربته امتدادا لفن المنمنمة حيث بدأ بالرسم على الورق الاسمر ثم انتقل الى الرسم على الزجاج ومنه الى القماش الذي كان فتحا مهما في تجربته الفنية. كان يصنع أصباغه بنفسه مستخدما الألوان الترابية والسكر لتثبيت اللون وغيرها من المواد..، تتميز أعماله بالبساطة والعفوية حيث يستخدم الوانا خاما بعيداً عن أصول وتقنيات مدارس الرسم وعن مبادئ مزج الألوان. 

تناولت رسوماته مواضيع اجتماعية ودينية شتى، فقد صور مواكب الحج وبيوت دمشق القديمة وطبيعتها ونهر بردى وغيرها من مفردات الحياة الدمشقية الأصيلة، لكنّ أكثر ما كان يستهويه تصوير شجاعة أبطال السير الشعبية وبطولاتهم بشواربهم الكبيرة وسيوفهم المصقولة. أمسى أبو صبحي من أشهر الفنانين الفطريين العرب في العالم حيث عرضت أعماله في باريس ولندن وبرلين وغيرها من العواصم العالمية. أبى الفنان الشيخ أن يكبر، بقي طفلا يعبر عن القوة والجمال، وعن كل القيم النبيلة المكوّنة لوجدان الإنسان الدمشقي بحرّية وعفوية فريدتين.  

يذكر أن التيناوي كان يردد في نهاية حياته “لست أحفل بأي شيء في هذه الحياة...إلا أنني أشعر بالأسى لفراق عنتر". رحل الفنان محمد حرب عام 1973 تاركا للأجيال التالية من بعده إرثاً كبيراً من هذا الفن الجميل مقتنى لدى عديد من المتاحف العالمية الكبرى كمتحف اللوفر في باريس، وأيضاً لدى كثير من هواة جمع التحف واللوحات الفنية في أرجاء مختلفة من العالم.

يسر عيان

كاتب سوري

Whatsapp