روح الغجري القتيل


 

رعشة

 

قال لي

لم يقل شيئا برغم هبوبِ الكلام

وهوَ يموتْ

ولم أفهمْ منهُ حرفاً سوى الرّاء

لم يكنْ من بلادي ولا لُغتي

وصرت الغريب بأرضِ "جوتّيم" عهدَ شبابي 

وما كانَ لي مثلُها من ملاذِ موسيقى  

كنتُ بوحشةِ ظُهْرٍ شواظٍ ببيروتَ

غرقانَ في عرقي ... فاءت لروحيَ جوتّيم

فأنزلتْ رحلي وسرحتُ وعدْتُ بهيّاً 

وصرتُ هنا ومجنون فوكو

ولا جوتّيم تنسابُ إلى وجعي*

فهل تنشلُ الرّاءُ مُضعفةً في دمائي

كنتُ غريبا بأرضِي يقايضني المسخ فيها لكي أرتضيهِ إلها ولم يستطع...

وصرتُ هنا في شتاتِ جَهَنّم 

شوكُ الشّجا ملءَ رُوحي

وانكفائي إلى غيمِ حُزني 

أَخُبّ بِقهري ورثّ شقائي

 

دمٌ

دمعةٌ

ثمّ يمضي بلا أغنيةْ

تائهاً في الدروبْ

تائهاً في المدى والبَدادْ

خارجاً عن أصولِ الدّمِ الفاسِدِ

خارجاً عن هواءٍ بلا ذرّةٍ من هواءْ

خارجاً عن حدودِ المدارِ 

 وداءِ الفصول

تسقطُ الأغنية

تسقطُ الأرؤسُ الباقيةْ

تسقطُ الأُغْ

مَنْ يُغَني إذاً

في بلادٍ تموتْ 

وينعشُ رملاً وبحراً وصمتاً

على شجرٍ قاتلٍ ونعوشٍ تخوتْ

قالَ... ما قالَ

كانَ في جثةٍ طافيةْ

ولا شَيْءَ إلا السّديمُ العَدمْ

وعلى طَرفِ الكَونِ كانَ البراقُ والرّوحُ والماءُ في شَجِرِ السَّاقِيةْ

عجزَ الموتُ أنْ يأخُذَهْ

أزهرتْ دَمْعَةٌ باقيةْ

وكانَ الصّدى يُغنّي لها كيْ تُغَنّي

إلى رِعْشةٍ في بَقايا البيوتْ

نتَأتْ زَهرةٌ لا تموتْ

قمْ إذاً يا مغنّي

إذا كنتَ كالغجريّ القتيلِ

ونادِ الحياةَ وجوتّيمَ

إنْ كنتَ حيّا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* جوتيم: أغنية حب فرنسية

 

 

حسّان عزت

شاعر وكاتب سوري

 

Whatsapp