البوسفور يحتضن "لقاء الفنانين المهاجرين" بتركيا


التقى كتاب وشعراء وفنانون مهاجرون ولاجئون بفنانين وكتّاب أتراك في رحلة على متن سفينة في مضيق البوسفور، ضمن فعالية ثقافية اجتماعية دعا إليها "اتحاد كتاب الأناضول" وبلدية "سلطان غازي" في إسطنبول.
يقال إن كل من يمر بالأدب والفن سيحبّ إسطنبول ومضيق البوسفور. تمامًا مثل ديستوفسكي وفيكتور هيجو وتشارلز ديكنز، وبالتالي فإن إسطنبول رمز مهم يعكس لنا ثروة ثقافية كبيرة وأناقة منفردة. والأهم من كل ذلك أنها مليئة بالآثار التي توضح كيف ظهر الأدب والفن نتيجة الآلام الشديدة. 
وبتنظيم من اتحاد كتّاب الأناضول وبلدية السلطان غازي، ودعمٍ من البروفيسور محمد حقي غوتشين، كان يخطر ببالي دائمًا عقد "لقاء الفنانين المهاجرين"، فقمت بالتنسيق بين الفنانين والكتاب المهاجرين حيث شارك العديد منهم، من دول مثل سوريا وفلسطين ومصر والعراق في رحلة البوسفور البحرية، التي أقيمت مساء يوم الـ20 من أيلول الجاري. 
ومن بين الحضور كان رسام الكاريكاتير المتميّز والمخرج إياس جعفر، من أوائل خريجي كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق والمنحدر من عائلة فنية، والده أديب عبد الرزاق جعفر من رواد أدب الأطفال في سوريا والعالم العربي. وهناك عدد لا يحصى من الأعمال القيمة التي وقعها إياس جعفر طوال حياته الفنية، والتي استمرت منذ أوائل الثمانينيات. أقام معارض في مختلف مدن الوطن العربي وأوروبا. في تركيا، كانون الثاني 2020، أقيم معرض شخصي في مؤسسة الفن المستقل تحت عنوان "لا يهدأ".


صوت فلسطين ووجهها
كان من الرائع رؤية نجوان درويش، الشاعر الفلسطيني ومحرر الثقافة والفن، بيننا. لأن أعمال الدرويش ترجمت إلى أكثر من 20 لغة. وهو أيضًا أحد المحررين الثقافيين الرائدين في العالم العربي. لعب دورًا مهمًا في تطوير الصحافة الثقافية العربية بصفته ناقدًا شغوفًا وكذلك مؤسسًا مشاركًا لمجلات مستقلة وصحف يومية رئيسية. ضيف مهم آخر في أمسيتنا كان عبد الرحمن يوسف، شاعر وكاتب من مصر، نجل يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. وعبد الرحمن الذي له العديد من المؤلفات الشعرية وظهرت أعماله في العديد من المجلات، كان مديرًا أيضاً لعدة ندوات ثقافية في مصر والعالم العربي لسنوات عديدة. 
كما حضر الخطاط محمد محوك، المحاضر في جامعة حلب لسنوات عديدة، والذي سافر إلى 53 دولة حول العالم، حيث أشرف على تعليم الطلاب وإقامة معارض لأندر أمثلة فن الخط. كان اجتماعاً قيماً للغاية بالنسبة لنا.
جاء أيضاً من مدينة غازي عنتاب، الرسام والكاتب السوري عمر الجبين، الذي شارك في العديد من المعارض الشخصية والجماعية في سوريا ولبنان وأوروبا. وكذلك حضرت من غازي عنتاب السيدة صباح الحديدي، الرسامة والفيلسوفة والمخرجة الفنية السورية.. بالإضافة إلى كونها مديرة العديد من المشاريع الفنية، فقد ترأست مشروع مشاركة الفتيات في تعليم الفنون في المملكة العربية السعودية.


ضيوف آخرين من خارج المدينة


علاء الدين حسو، أحد الضيوف الآخرين الذين قدموا من غازي عنتاب، كاتب القصة السورية القيمة، والروائي، والكاتب المسرحي، والإعلامي. له العديد من الكتب باللغة العربية وكتابان مترجمان من التركية إلى العربية. وهو أيضًا مدير إذاعة (Fecr) التي تبث حاليًا من تركيا.
الصحفي السوري مدير القسم السياسي في صحيفة إشراق أحمد مظهر سعدو، كان من الضيوف الكرام أيضاً، وهو معروف بأعماله في قضايا اللاجئين، إلى جانب كتبه والعديد من المقالات حول القضايا الاجتماعية والثقافية. والأستاذ محمود الوهب، خبير اللغة العربية وآدابها والروائي والقصصي السوري. كان من دواعي سروري التعرف إليهم بشكل أفضل.
ومن بين ضيوف رحلة القارب على البوسفور، كان الكاتب الأوزبكي القيم نور الله محمد رؤوف خان. ومن سوريا أيضاً كان الأستاذ الدكتور أشرف البارودي وزوجته الكريمة الكاتبة هيمى المفتي، بالإضافة إلى أصدقائنا الأعزاء من مركز جسور للأبحاث السوري وائل علوان، والمثقفة الفلسطينية يقين الغول، وكذلك كاتب ومحرر الثقافة والفنون في موقع تلفزيون سوريا الذي يبث من إسطنبول، أحمد الناصر.
ربما تكون هذه إحدى أصعب المقالات التي كتبتها لأننا استنشقنا أجواء البوسفور في تلك الليلة مع فنانين وكتاب قيّمين لا أستطيع عدّ أسمائهم. الرسامون السوريون هيام زيدان وإبراهيم حسون وأحمد رائد والشاعر والمترجم المصري أحمد زكريا وزوجته ملك أوزدمير زكريا والكاتب السوري محمد زعل السلوم والكاتب والناشر السوري محمد منصور والكاتب العراقي سامي البدري، والكاتب السوري محمد حاج بكري، والكاتب والأكاديمي السوري محمد النمر والفلسطينية إكرام أبو سميرة.
كان لهذا الاجتماع الجميل دلالات كبيرة داخل قلوبنا. فمع أصدقائنا الكرام من تركيا، رأينا مرة أخرى الدور الرائد للفن والأدب في سعي الإنسان إلى الحرية.
عدنا إلى دمشق حيث صرخ الشاعر نوري الجراح: "لم أخرج من دمشق لأنسى الطريق إلى دمشق"، وذهبنا إلى حلب، وتجولنا في شوارع حماة ودير الزور. شعرنا بصدمة أن ديكتاتورًا قاتلًا أمطر شعبه بالقنابل دون تردد لم يكن ولن يكون قادرًا على قتل الأفكار، وكم كان عاجزًا في مواجهة قوة الفن والأدب. كنا ضيوفا في الأحياء التاريخية في القدس وغزة والخليل. تجولنا في شوارع القاهرة التي نعرفها من روايات نجيب محفوظ. سافرنا إلى بغداد، تنفسنا هواء بيت الحكمة. تركنا أنفسنا للأجواء السحرية في بخارى وسمرقند.


 

Whatsapp