كنوز من الثقافات


 

لن أشيح بنظري عن واقع مؤلم! فكلماتي ليس لها مفعول السحر على القراء، أتابع بلهفة كل ما يخص أولادنا والأجيال القادمة ومستقبلهم!، لفت انتباهي شيء محزن ومقلق لنركز قليلاً، ثقافتنا تكاد تندثر فالغرب هنا يستقون معلوماتهم عن ثقافتنا وما يميز بلادنا من أطفالنا في الجامعات وهم بعمر العشرين، وخرجوا من ديارهم منذ عشر سنوات كيف لهم أن يعرفوا عن ثقافة موطنهم إلا ما تيسر!؟.

 سأتكلم ببساطة أكثر الثقافة القديمة كانت متميزة والوصول إليها في ذلك الوقت كان يتطلب جهداً ووقتاً وتركيزاً، يخطئ من يظن أن الثقافة تكنولوجيا فعند الحصول على أية معلومة ببساطة ستتبخر بسهولة، والذاكرة لها طاقة معينة ومن يحصل على معلومات غزيرة غير منتقاة سيصاب بالتشتت والضياع والطامة الكبرى معظم المعلومات (الفيسبوكية) غير دقيقة فالقوة للمالك!!! وبذلك نحصل على جيل نصف مثقف في رأسه معلومات متضاربة بعيدة عن واقعنا الجميل، لننقل لأولادنا معلومات مبسطة واقعية وإن طلبوا منا أن نعرفهم بمعنى الثقافة قبل أن نغوص بمحتواها بأنها كل المعارف والمعلومات والقيم والعقائد والفنون والطهي ولكل مجتمع ثقافته التي يفخر بها نحترم ذلك ونقدره، بدورنا أيضاً نملك ثقافة متميزة فيها تراث عظيم من مروءة وشهامة وكرم، قرأت الكثير عن ثقافات العالم ولم أتخيل يوماً أنني سأعيشها!، وشتان بين القراءة والواقع، اضطرني اللجوء أن أتنقل بين خمس من الدول:

  •  لبنان، الجزائر، مصر، تركيا، وأخيراً فرنسا وموطني الأساسي سوريا.

سأحاول أن أنقل لكم وقائع عشتها كما هي دون زيادة أو نقصان، اكتشفت أن القراءة عن الثقافات ليس لها أي علاقة بالمعايشة على أرض الواقع وأي واقع! عندما تذهب للسياحة ترى البلد من زاوية مختلفة تماماً عن اللجوء فأنت هنا على المحك وعليك أن تعيش واقعاً مغايراً وتتقبل كل عاداته وتقاليده، لا يمكنك أن تبتسم وتكمل وتقول أنا هنا للسياحة وسأعود إلى بلدي. عليَّ الآن أن أتقن التعايش وليس فقط أن أحترم عاداتهم وتقاليدهم وأمضي، بل يجب أن أتحرك من خلالها، إن أردنا أن نتذكر ما هو تعريف الثقافة؟ فالكل يعلم أنها مجموعة خبرات (قواعد لغة طعام فن قيم لباس) والكثير من الأمور التي لا تحصى يتشارك بها أهل البلد في مجتمع معين لتساعدهم على التواصل فيما بينهم ضمن بنود متعارف عليها حصلوا عليها من أباءهم وأجدادهم وعن طريق التاريخ المشترك، يعتزون بها وتكون طريقهم في العيش المشترك، فالهوية الثقافية فيها خصائص مشتركة تعينهم على اتخاذ القرارات والانتماء، من هنا انطلقت مقولة أن التعايش مع الشعوب المختلفة تكسبنا الخبرات الجديدة وتزيد وعينا ولا يتم ذلك إلا عن طريق المخالطة وتقبل الآخرين كما هم لا كما نحن نريدهم أن يكونوا، فهناك أوجه اختلاف وأوجه تشابه بين البلدان، وكل بلد يعيش ضمن الظروف المحيطة به ويتأقلم مع محيطه وفي طريقة التعامل بالمأكل واللباس والغناء والأعراس والطعام والتعامل مع الآخرين، من خلال تنقلي القسري بين هذه البلدان وجدت أن هناك أهمية كبيرة في التعايش مع الآخرين تستطيع أن ترى العالم من خلال أفق أبعد وفهمهم بصورة أفضل بالابتعاد عن الصورة النمطية التي تكون في أذهاننا مسبقاً، فتواصلنا المباشر يوضح لنا الكثير من الأمور التي كانت غامضة بالنسبة إلينا.

 

 

 إلهام حقي

رئيسة قسم المرأة

 

 

Whatsapp