لم تنطفئ شعلة الثورة


سنوات ثمان مرت على الشعب السوري وآمال انتصاره على الاستبداد لم تتبدل، مليون شهيد على طريق الحرية وشعلتها لم تنطفئ، وهي تنير مسيرة النضال من أجل الانتصار على الظلم والقهر وجمهورية الخوف، تم تدمير نصف البلاد وأبناؤها أكثر إصراراً يمضون في مسيرتهم نحو الحرية والكرامة، بعد تهجير نصف أبناء الوطن لكن السُّوريُّ يبدو أكثر ارتباطاً بتراب وطنه وأكثر صلابة في مواجهة آلة القهر والقتل والتدمير والتهجير.

صحيح أن مؤامرات الغدر والالتفاف على ثورة الشعب تبدو وكأنها غيرت مسار الثورة لحظة تحويل الثورة " من سلمية إلى قتال مسلح " بفتح المجال أمام الآلاف من الإرهابيين والقتلة، الذين منهم من تم الإفراج عنه من سجون النظام في دمشق، ومنهم من جُلِبوا من الخارج لخلق نوع من الفوضى المنظمة والخوف والفزع أمام ارتكاب جرائم بحق المدنيين العزل باسم (الإسلام) من خلال تشكيل منظمات وكتائب إرهابية تحت شعار " دولة الخلافة "، لتبين للعالم بأن ما يجري في سوريا من حروب وقتال وصراع مسلح ليست إلا نتيجة لسيطرة الإرهاب على الشارع وأن النظام في دمشق "مُجْبَرٌ" على الدفاع عن مواطنيه ومحاربة هذا "الإرهاب" المتفشي على مساحة الوطن - وذلك حسب وصف النظام -، إلا أن المعارضة الوطنية السورية " ومع الأسف الشديد " لم تكن منتبهة لهذا المخطط الإجرامي من قبل عصابة الغدر التي استولت على الحكم منذ عقود وبالتالي، نجحت تلك العصابة وبمساعدة روسيا وعصابات طهران التي تم جلبها من أفغانستان وإيران والعراق علاوة عن حزب الله اللبناني و" تنظيم الدولة الإسلامية - داعش - وجبهة النصرة الإرهابيتين "، كل تلك العصابات أتت لتشيطن الثورة وتحيدها عن أهدافها كي تحولها من ثورة سلمية بيضاء إلى ثورة مسلحة، ولتَطغى عليها صفة الإرهاب، كي تنال منها وتغدر بالشعب السوري لمحاصرته وإعادته إلى (حظيرة النظام(..

إلى جانب ذلك، لعبت روسيا دوراً أكثر خبثاً في مجلس الأمن من خلال استعمالها حق النقض ضد أي مشروع يهدف إدانة النظام وقواته عند ارتكابه الجرائم بحق الشعب السوري البريء، ومنها استعماله الغازات السامة لعدة مرات واتهام الجيش الحر بذلك، أمام هذه الفاجعة كانت المواقف الدولية وعلى رأسها أمريكا خجولة جداً لعدم تدخلها بشكل جدي إلى جانب الشعب السوري وثورته المشروعة ضد نظامٍ حَرَّمَ الهواء عن شعبه منذ عقود. " ، شعب لم يطلب سوى الحرية والكرامة والتغيير الديمقراطي والعدالة والمساواة “.

أمام هذه الحالة المأساوية التي لم تترك خياراً للشعب السوري سوى مواصلة النضال من أجل تحقيق أهداف الثورة مهما كثرت المبادرات الدولية والمؤامرات عليه وعلى أهدافه، فخيار الشعب إما الموت بعزة ، أو حياة حرة كريمة، لذلك فالمؤتمرات واللقاءات الدولية التي تجري هنا وهناك، وكذلك تشكيل اللجنة الدستورية من قبل أطراف دولية وعلى مقاساتها مع تقسيم الجغرافيا السورية إلى كانتونات استعمارية بهدف تغيير ديمغرافيتها السكانية من خلال التهجير القسري للسكان من منطقة إلى أخرى، كل ذلك لن يغير من إرادة الشعب السوري التي التصقت بأهداف الثورة ولا يمكن فصم عراها عن بعضها البعض مهما طال زمان الغدر والخداع، "فإن الحقوق لن تموت طالما بقيت صرخات الشعب مستدامة في مطالبتها".

ثمان سنوات والشعب السوري مستمر في ثورته "وبخصوصيته المميزة التي لم تكن لدى أي شعب من شعوب العالم"، حيث تكالبت على إرادة هذا الشعب مؤامرات دولية وإقليمية، إضافة إلى جرائم النظام بحقه ولم يستسلم ولم يرضخ لكل تلك القوى العسكرية، والغدر السياسي والدبلوماسي بحقه، لأنه على يقين أن قضيته (قضية الحرية والكرامة) قضية إنسانية أولاً، إضافة إلى قضية مشروعة لشعب سلبت منه حريته وكرامته، حيث كان ينظر النظام إليه كعبيد يعملون في مزرعته، فكان أول شعار أطلق في (المرجة) وسط دمشق في وجه النظام من قبل العشرات من النُخَبْ المثقفة قبيل اندلاع الثورة بأيام " الشعب السوري ما بينذل "، وبالتالي المسيرة واضحة والقضية غير ملتبسة والأهداف لم تتغير وتختصر في تحقيق وطنٍ لشعبٍ حُرٍ ونظام يخضع لإرادة الشعب من أجل بناء الحضارة الإنسانية في هذا البلد الذي كان ملاذاً للأحرار يوماً، حيث أخرجه النظام من مسيرة التاريخ منذ عقود، ويُصِرُّ شعبه على إعادته نحو المسيرة والاعتزاز به في هذا العالم الذي لا يزال فيه خيرٌ للبشرية!.

 

أحمد قاسم

رئيس القسم الكردي

 
 
Whatsapp