الشجرة


الشجرة التي تقايسنا على ساقها

وكنتَ دائمًا تؤشّر طولي أقلّ

كي أظلّ أنا المربوع وأنت القامة الممشوقة

لم تعد أطول منّا نحن الاثنين

لم ننجّر من أغصانها لا أوتاداً ولا "باكورات" ولا مضارب "حاح"

ولم نكسر لها جطلًا

لم ييبس لها غصن حتّى ينقرف تحت أقدامنا الرخوة

ونحن نصعد كي يفوز من يرى القادمين من الحرب أوّلا

فيحظى بالبشارة، ويعفى من دوره في سقايتها ثلاث مرّات

الشجرة التي لم يخرب لها عشّ في مواسم الحساسين يومًا

التي ليس عرسًا كاملًا ذاك الذي لا يغمّس بظلالها صباحيّته

ولن ينال الذاهبون إلى الجامعة دعاء اليسر إذا لم يتخرّجوا في الدبكة

فوق ترابها المرشوش بعطرها المتعشّق في الرئات

لا لم تهرمْ لتنطوي على الأرض نصفين

لم ينخر أعاليها نملٌ ولم نسمع يومًا أنّ في بلادنا نقّار خشب

ولم يسمح لواحدٍ أن يحزّ منشارًا بأضلاعها

والكلّ يروي الحكاية نفسها؛ كيف أعمى دخان أوراقها دوريّة كاملة للفرنسييّن

في حفلة شواء لعصافير كانت طوال عمرها

دانية الأعشاش

الشجرة التي لم تعد أطول منّا نحن الكلّ

بنصف جذعٍ تقف الآن بين أكوام الفحم

ليست أكثر من مقعدٍ لنار شامتة

الشجرة التي نكمل، نحن الآن، الناقص من شموخها في الصّور

لا يمكن أن تقصر أمامنا كدغلةٍ مربوعة

وصرت لا أميل من كلّ الروايات إلّا إلى أنّها من كثرة ما تلفّتت حواليها

تفتّش عنّا ولا ترى أحدًا إلّا غرباء أنوفهم كالفؤوس

انهدّ حيلها، وما هذي الشقوق التي في الجذع،

وهذه الجذور البادية على مطرح الدبكات

إلّا أدلّة على أنّ شجرةٍ حاولت ألّا تموت واقفة.

 

سلام حلّوم

كاتب سوري


 
 
Whatsapp