عبد الباسط الساروت شهيداً


رحل عبد الباسط الساروت.. أيقونة الثورة السورية ومنشدها وترك مرمى الثورة بحراسة روحه، لكنه ترك غصة في قلوب كل السوريين، لتنال أمه تسمية " خنساء حمص " بل أقول إنها نالت وسام " خنساء الإسلام" لتستحق في سوريا الحرة عبر إعلاء شأنها أماً وأختاً وزوجة لشهداء الثورة " بل ولكل الشهداء. جاءت وودعت شهيدها بكلمات لا تنطقها ولم تنطقها إلا الخنساء في وداع شهيدها! ووالدة الساروت التي فقدت خمسة من أبنائها وخمسة من إخوتها إلى جانب زوجها وحفيدين لها خلال الثورة. فماذا يجب أن نسميها غير " الخنساء " التي سبقتها في عهد الرسول؟

 عبد الباسط الساروت وهو الحارس السابق لنادي الكرامة ومنتخب سوريا للشباب، وهو الذي نال شرف قيادة الثورة في حمص، عندما قاد المظاهرات منذ البداية في شوارعها، وطالب بإسقاط النظام أثناء الثورة. كما شارك الساروت كقيادي عسكري في جيش العزة بمعارك التحرير في ريف حماة الشمالي، وله بصمات كبيرة في تلك المعارك التي قاد فيها مجموعات الاقتحام، وسبق أن تعرض لإصابات عديدة ونجا منها. إلى جانب مهماته القتالية، ومنذ التحاقه بالثورة كان ينشد ويلقي الشعارات في أغلب المظاهرات في حمص، وقد حاول النظام اغتياله عدة مرات وفشل. عاش أيام الحصار في حمص وذاق المشقة والصعوبات، لكن إرادته وإيمانه بانتصار الثورة لم يتغير. نال شرف تسمية " أيقونة الثورة " كونه صوتاً جميلًا وعاليًا في مسامع الجميع، وبلبلاً ينشد للثورة والثوار، ويرفع من المعنويات، ويصنع من صعوبة الحياة وراء المتاريس والخنادق في جبهات القتال مخاضاً لولادة سوريا التي يحلم بها السوريون، ولحظات حلم الانتصار على الظلم والعيش في نشوته وسط الزغاريد والهتافات التي ستملأ شوارع المدن السورية وأريافها عند انتصار الثورة.

 هكذا كان الساروت يشجع المقاتلين على القتال والصمود من خلال معايشة نشوة الانتصار في كل لحظة من لحظات المواجهة مع مرتزقة النظام ووحشية ميليشيات إيران المساندين لهذا النظام المجرم. ولذلك نال عبد الباسط الساروت شرف أن يكون " أيقونة الثورة ". وهذه الأيقونة لم ولن تمت، وبالتالي، فإن الساروت لم يمت بل هو حيٌ، وروحه تتجول في سماء سورية الثورة لنصرة إخوته من المقاتلين في معارك الشرف. أشعاره وصوته كالبلابل لا تغادر مسامع الأبطال في الخنادق. تراتيله للأناشيد الثورية تغطي ضجيج الصواريخ وتفجيرات البراميل على رؤوس الأبرياء من المدنيين. يعتبر الساروت أحد أبرز قادة الحراك الثوري في مدينة حمص وأحد أبرز الوجوه المعروفة في الثورة السورية، وقاد الكثير من المظاهرات السلمية ضد النظام قبل أن يحمل السلاح، حيث أطلقت عليه ألقاب " حارس الثورة السورية " و" منشد الثورة " كونه كان حارساً سابقاً لمنتخب شباب سوريا. 

لقد جاء خبر استشهاده كالصاعقة على مسامع الشعب السوري، عندما أعلن مسؤول العلاقات السياسية والعسكرية في " جيش العزة " المقدم سامر الصالح: " نزف إليكم نبأ استشهاد القائد العسكري عبد الباسط الساروت مقبلًا غير مدبر في ساحات القتال ". كذلك قالت المعارضة السورية يوم السبت 8 حزيران/يونيو 2019 إن " الناشط والمقاتل في جيش العزة عبد الباسط الساروت، استشهد بعد أيام من إصابته خلال المعارك الدائرة ضد قوات النظام في ريف حماة". ودَّعت أم الشهيد ابنها الثائر ولم تسمح للهيب اليأس أن يكوي وجنتيها، على الرغم من تحجّر الدمعة في عينيها، وهي تكرر كلماتها الدائمة " الحمد لله، الله عطاني والله أخدهم ", المرأة التي ترفع لها القبعة احترامًا لصبرها وتضحياتها. رحم الله " أيقونة الثورة " وتقبله الله شهيداً في فسيح جنانه.

 

 

 أحمد قاسم 

رئيس القسم الكردي

 

 

 
Whatsapp